-A +A
عبدالمحسن هلال
قررت مؤسسة النقد رفع الحد الأعلى لتمويل قيمة المسكن من 70 إلى 85 % لشركات التمويل العقاري دعما لنمو قطاع التمويل لتوفير أسعار تنافسية بما يخدم المواطن. اكتشفت ساما، حسب توضيح محافظها، بعد مرور عام على تطبيق أنظمة التمويل قدرة شركات التمويل على التعامل مع مخاطره. وبالطبع رحبت شركات التمويل بالقرار واعتبرته شهادة بحسن عملها، وطالبت بالمزيد من التراخيص لشركات جديدة، والتوسع ليشمل القرار المصارف والبنوك بصفتها الجهة الأكثر قدرة على تلبية حاجة المقترضين.
وأظنها موجة ستسود سوق العقار، سواء باستخدام الرهن العقاري أو غيره، بهدف خدمة حاجة المواطن للسكن، وهي غاية سامية إلا أن الغبار يعلو وسيلتها، ما يذكرنا بموجة مشابهة سبق واكتسحت أمريكا مستخدمة نفس الوسيلة ثم ما لبثت أن انفجرت فقاعتها فيما عرف بأزمة الرهن العقاري وسوق التمويل والائتمان وانهيارهما. قصتنا هنا تختلف تساويقها، فبرغم جهود وزارة الإسكان ومحاولات المطورين العقاريين ستهبط قيم الأراضي وإن بعد حين، وسيكتشف المواطن، بعد فوات الأوان ولات حين مندم، أن قيمة سكنه وأرضه أقل بكثير من قيمة قرضه.

شددت ساما، تحسبا لما هو آت، على التأكد من قدرة المواطن على السداد، بيد أن استقطاع نسبة كبيرة من دخله لمدد طويلة مع استمرار غلاء المعيشة وتباطؤ مشاريع الإسكان، واكتشاف مدى الغبن في قيمة أرضه، سيعجز أو يمتنع عن السداد احتجاجا، فيتم حجز ثم بيع منزله لندخل في دوامة جديدة مع مشتر جديد، وهكذا دواليك في صراع مستمر طرفه الأقوى شركات التمويل وطرفه الأضعف المواطن الذي استغلت حاجته الماسة للسكن ووقع ضحية عروض ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب مع ضائقة مالية ستظل تنشب أظفارها في راتبه الضعيف أصلا.
قلت وقبلي كثيرون أن إشكالية السكن ليست في القرض ولا في محدودية دخل المواطن بل في ارتفاع أسعار الأراضي، وكل ما تفعله وزارة الإسكان والآن مؤسسة النقد إنما يدعم هذا الاتجاه، إبقاء الأسعار فوق قدرة المواطن العادي والميسور. أي سعر المتر الواحد في أي من مدننا الكبرى يزيد على 500 ريال يعتبر سعرا غير طبيعي، وقد استثنيت المدينتان المقدستان، وأي جهد يبذل لتثبيت ودعم ارتفاع قيمة الأراضي ليس في صالح المواطن الذي تحرص كلا الجهتين، ساما والإسكان، على مصلحته. الطريق الوحيد لتصحيح المسار وتمكين المواطن من الحصول على سكن، وهي مشكلة أكثر من 60 % من مواطنينا، بذل الجهد لخفض أسعار الأراضي، ومن الآن وحتى تتأكد هاتان الجهتان من هذه الحقيقة، سيظل المواطن يعاني.